الخميس، 19 نوفمبر 2015

الإعجاز الأسلوبي والنحو.

قراءة في كتاب:"الإعجاز الأسلوبي والنحو"

للأستاذ عز الدين الذهبي


بقلم السعيد رشدي


يرى "روني كينون" "René Guénonأن النص القرآني هو النص الوحيد الذي حافظ على قدسيته في الكون، ولعله أكثر النصوص استقطابا للدراسات اللغوية والعلمية بكل أنواعها، وما يميزه كون بنائية لغته  وخطابه مطلقتين، ومصدر هذا الإطلاق هو أنه وحي من عقل مطلق، هذه البنائية تجعل كل قراءة له قراءة نسبية، هذه النسبية مستمدة من نسبية العقل الإنساني. هذا الحوار بين العقل الإنساني النسبي والعقل المطلق الذي يمثله النص القرآني يجعل كل قراءة قراءة متجددة، وهو ما يؤدي إلى إنتاج نصوص ودراسات وقراءات نسبية النتائج، يكون فيها للقارئ والدارس نصيب على قدر موهبته وعلى قدر الاصطفاء الإلهي، وهو القانون الذي جعله الله تعالى شرطا للوصول إلى مكنون الكتاب مصداقا لقوله تعالى:" ثُمّ أَورثنا الكتابَ الذين اصطفينا من عبادنا"[1]، في سياق هذا الحوار المعرفي بين العقلين الإنساني النسبي والمطلق، حاولنا استنطاق مضمون المقاربة الأسلوبية التي تغيا بسطها الكاتب أستاذنا عز الدين الذهبي في كتابه: "الإعجاز الأسلوبي والنحو"[2].
ننطلق في عرض تصورات الكتاب من عتباته التي اختار لها الكاتب عنوان:" الإعجاز الأسلوبي والنحو" هذا الاختيار نابع من الأهمية التي تحظى بها العناوين من حيث التبئير للمادة العلمية (مضمون الكتاب)، واختيار هذين التركيبين الوصفي والعطفي يظهر رغبة في تقرير التعالق المؤثر والحاصل بين المتعاطفين "نظام النص" الإعجاز الأسلوبي، و"نظام اللغة" النحو في دائرة الدرس اللغوي القديم.
انطلق الكتاب، بشكل عام، من وصف لطبيعة اشتغال النحو والنحاة باللغة، والذي تميز منهجيا بعدم التفريق في الانزياح الأسلوبي بين نظام النص البليغ ونظام اللغة، وهو ما دفع النحاة إلى التزام المواقف التبريرية والدفاعية للرد على خصوم القرآن الكريم؛ بنفيه أحيانا أو تعميمه على اللغة بدل استغلاله لإبراز إبداعية اللغة في النص القرآني، وبذلك أهدرت قيمته وتعقدت مهمة النحو، كانت هذه هي الفكرة التمهيدية للموضوع المحدد في دراسة منهج النحاة في التعامل مع ظاهرة الانزياح.
لقد قسم الكاتب النحاة إلى قسمين؛ الأول أصحاب الدراسات القرآنية، وهم: أبو عبيدة، والأخفش، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. والثاني: النحاة الخلص، وهم ثعلب والمبرد، واتخذ سيبويه، في بداية كل الفصول، لتأصيل منهج النحاة، كما انتخب نظرية الانزياح في المقام الأول للاشتغال بها؛ لأنها تستجيب لطبيعة المادة في الوقوف على الغايات البلاغية للنص، وفي هذا السياق أشار إلى أهمية الاستفادة من العلوم الإنسانية ونظرية السياق وعلوم اللغة والأدب؛ لأن هذه العلوم والمسالك والحقول المعرفية تسهم في اكتشاف أسلوبية النصوص ومبادئها وإجراءاتها المنهجية.
وفي سبيل ذلك، اعتمد الكاتب بيبليوغرافيا واسعة جغرافيا، وممتدة زمنيا، ومتنوعة موضوعا؛ فشملت النحاة القدامى؛ كالأخفش في "معاني القرآن"، وثعلب في "قواعد الشعر"، والجرجاني في "دلائل الإعجاز"، و"مفتاح العلوم" للسكاكي، وابن هشام في "مغني اللبيب" والمتوكل في "دراسات في نحو اللغة الوظيفي"، وتودوروف في "نقد النقد"، والفاسي الفهري في "اللسانيات واللغة العربية"، ونصر حامد أبو زيد في "مفهوم النص". وغيرها.
قضايا الكتاب  :
نبدأ عرض قضايا الكتاب من:
1.   قضية الترتيب: يرى الكاتب أن موقف النحاة، وعلى رأسهم، سيبويه لا يكشف عن الانزياح في ظاهرة التقديم والتأخير ماداموا يوحدون بين نظام النص ونظام اللغة، وهو موقف مستنبط من تصور سيبويه  لظاهرة الترتيب، ونفس الشيء بالنسبة لابن جني وإن خرج عن خط النحاة لاعتباره تقديم الفاعل والمفعول أصلين، ولامس في ذلك شيئا من الحس الأسلوبي، لكن على الرغم من ذلك فموقف ابن جني لم يسعفه في الكشف عن الانزياح  لنفس الاعتبار المتمثل  في الاستعمال العام للغة، ويرى الكاتب أن ظاهرة الترتيب هي ظاهرة خاصة تتطلب تفسيرا خاصا، ولكي يظهر البديل المقترح انطلاقا من مثال تطبيقي جسده بيت النابغة الذي يقول فيه:
جزى ربُّه عني عدي بن حاتم""""جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
       يرى الكاتب أن الفاعل احتل موقعه بعد الفعل، واحتل المفعول موقعه بعد الفاعل، غير أن تقديم الهاء أدى وظيفة أسلوبية تجلت في الإشارة إلى أهمية المفعول المنتظر، وأدت دور تشويق وإثارة؛ حيث شدت انتباه السامع إلى غاية ظهور الخفي أي المفعول، ودخول الجار والمجرور بين المذكور والمضمر أدى إلى التشويق، وتقديم الفاعل نابع من كونه معلومة مشتركة بين المرسل والمتلقي، وقد أشاد الكاتب بملامسة عبد القاهر الجرجاني لهذه الظاهرة وهذا المعنى، وأتى بأمثلة توضح ذلك نحو قوله:" إن الشيء إذا أضمر ثم فسر كان ذلك أفخم من أن يذكر من غير تقدمة إضمار ويدل على صحة ما قوله أنا نعلم ضرورة قوله تعالى:" فإنها لا تعمى الأبصار" فخامة وشرفا وروعة لا نجد منها شيئا في قولنا: " فإن الأبصار لا تعمى".
وقد فسر الكاتب تباين مواقف الأطراف الثلاثة؛ سيبويه والنحاة من جهة، وابن جني من جهة ثانية، والجرجاني من جهة ثالثة بالبعد أو القرب من نظام النص، فكلما اقترب الدارس للنص القرآني أو الأدبي من ذلك النظام كلما أصاب كبد الإبداع الأسلوبي، وكلما كانت مقاربة النص من نظام اللغة كلما جانب تلمس الإبداعية في الأسلوب،  هذا التحليل جعل من مقولتي التقديم للعناية والاهتمام، وزيادة المبنى لزيادة المعنى مركزا للنقد، ووضع بواسطة هذه النظرية تصورا يجعل من كل أطراف الجملة المقدمة والمتأخرة مركز اهتمام وغاية، ويجعل زيادة المعاني والإبداعية لا ترتبطان فقط بزيادة المبنى كما ترى الدراسات البلاغية، ولكن ترتبطان بالتحويلات التي تحصل على مستوى البنية السطحية في علاقتها بالإبداع الأسلوبي.
السؤال الذي نطرح في هذا السياق هو : ما الذي أبعد سيبويه من نظام النص إلى نظام اللغة، وجعل الجرجاني يلامسه في دراسة النصوص، وجعل ابن جني في موقف وسط؟ هنا أعرض المقاربة التالية:
الذي جعل سيبويه والنحاة مؤطرين بنظام اللغة كما قال الأستاذ أنهم هو اهتمامهم بالمتلقي والمنجز من الكلام؛ فقد استقرؤوا كلام العرب من القبائل رغبة في تقويم كلام اللاحنين لما انتشر اللحن، وهو ما سيسمح بتحقق التواصل السليم والتعبد الصحيح طبقا للمعايير المستنبطة من مدونتهم الكلامية، فتكون بداية اهتمامهم من الألفاظ بعد التحقق والإنجاز؛ أي من المبنى إلى المعنى؛ بمعنى أن الأصل لدى هؤلاء يبدأ من منتصف الطريق عند الجرجاني؛ باعتبار مجال النظر عند هذا الأخير يبدأ من المعنى في الذهن أي من مجال البنية العميقة إلى المبنى؛ اللفظ إلى المتلقي، والذي قاد الجرجاني إلى بناء هذا التصور هو تبنيه للاعتقاد السني الأشعري في الصفات الإلهية، وخاصة الكلام الذي يعتبرونه نفسيا، وهي الفكرة التي دافع عنها، وأسست نظريته في النظم، وبالتالي فإن عبد القاهر تصور المتكلم أكثر مما تصور المتلقي واهتم بالعملية التواصلية في شموليتها  انطلاقا من المعنى النفسي، في ارتباطه بالمتكلم،  إلى إلباسه لبوس اللفظ ثم إلى فك شفرته وتحقق معناه في ذهن المتلقي في مرحلة ثالثة، والذي جعل ابن جني يقف موقفا وسطا هو اهتمامه بالمنطقة الوسطى بين المتكلم والمتلقي؛ فاهتم بالألفاظ منجزة في الأصوات وأثارها في المتلقي، ومجال اهتمامه هذا أبعده من دائرة النحاة حتى إن بعض الدارسين لا يعدونه منهم، ونستنتج أن متتبع الظاهرة الأسلوبية وخاصة الانزياح يجد ضالته كلما انصرف اهتمامه إلى نظام النص في بنيته النفسية العميقة، وهو ما تأتى للجرجاني عكس ابن جني وسيبويه.   
2.   الترتيب في المصنفات الأدبية:
عادة ما يتم التمييز بين اللغتين العادية والأدبية إلا أن الإشكال في اللغة الأدبية يرتبط بتعدد الأجناس؛ فيباح في الشعر ما لا يباح في النثر، مما يؤدي إلى تباين المواقف، ولمعالجة جانب من هذه الظواهر حاول القدماء تأطيره وإحاطته بمفاهيم علمية وإجرائية، ومن بينها مفهوم النظم الذي استعمله ابن قتيبة وطوره الجرجاني وجعله جسرا بين النحو واللغة الأدبية.
بعد أن حدد الكاتب نظام اللغة، ونظام النص وموقعه في اللغة الأدبية، انتقل إلى دراسته في علاقته بالإعجاز والنحو من خلال تمظهراته، والتي حددها في ما يلي:
3.   الترتيب بين الإعجاز والنحو:
ü    الترتيب الداخلي: يتعلق بالكلمات إفرادا عن طريق:
-      التبئير:  نحو قوله تعالى:" خُشّعًا أَبصارُهُم يخرجونَ من الأجداثِ" هنا مركب اسمي حالي متقدم على مركب فعلي "يخرجون من الأجداث"، النحاة الأول يفترضون وبناء على الافتراض يستخرجون المعنى، والمعنى طبقا لتصورهم هو أنهم يخرجون من الأجداث وأبصارهم خاشعة، وتقدير الكاتب قائم على تحويلين الأول حاصل بالتبئير لـ"خشعا أبصارهم"؛ لأن المراد ليس الإخبار بالخروج من الأجداث، أي البعث لأنها حقيقة معلومة من آيات أخرى سابقة، ولكن المراد هو إبراز حالهم لحظة الخروج، والذي ارتبط هنا بما يصيب أبصارهم، والذي تم التبئير له في التحولات التي لحقت بالمركب الحالي: يخرجون من الأجداث أبصارهم خاشعة:

·       الأول: يخرجون من الأجداث خشعا أبصارهم
·       الثاني: خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث.
هنا يظهر التحليل الأسلوبي الذي نادى به الكاتب انطلاقا من بنى النص الظاهرة في علاقتها بالبنية العميقة، فيظهر من استخدامه للمفاهيم والآليات اللسانية كيف تشتغل الأسلوبية، وكيف تستمد مفاهيمها منها، ومن مظاهر الترتيب الخارجي كذلك:
ü    تحريك العناصر الأساسية:
-      يسارا، نحو قوله تعالى: "والأنعام خلقها"[3] أو يمينا نحو قوله تعالى:" وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم"[4].
اختلف النحاة في الآية الأولى والثانية، وسنعرض للآية الثانية فقط، وفيها يرى بعض النحاة أنه تم تقديم الفعل وإظهار كنايته في آخره، ويرى آخرون أن "كثير" بديل بدل من الواو، واعتبرها آخرون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره :" ذلك كثير منهم" عند الفراء وأيده الزجاج  بتقدير "ذووا العمى والصمم كثير منهم" وقد رفض الكاتب كثيرا من هذه التوجهات لأنها تستند إلى قواعد النظام اللغوي التي لا تفيد في شرحه؛ لاستناد بعضها إلى قواعد المطابقة بين الفعل والفاعل وهو شاذ مستشهدين بلغة هذيل، لغة "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار" كما يسميها نحاة الأندلس، أما الرأي المستند على البدلية فتجعل المتلقي أمام توقعات متعددة، أما الثالث فيجعل المتلقي أمام إمكانية المشاركة في صياغة النص، وأضاف أن القرآن استعمل تركيبا شاذا لينسجم مع ما وقع فيه بنو إسرائيل من شذوذ السلوك التعبدي لما عبدوا العجل، فجاء التركيب شاذا لإبراز قوة انحرافهم، وأضاف أن التحليل الأسلوبي يكمل اجتهاد النحاة، ولا يلغيه شريطة الانطلاق من القرائن النصية.
-      تحريك العناصر الثانوية(الفضلات): عادة لا يكون ترتيب الفضلات مثار مشكل بين النحاة على غرار ترتيب العناصر الأساسية، غير أن هذا التحريك لا يخلو من أثر أسلوبي مهم، ومثل ذلك قوله تعالى:" لِنُريكَ من آياتِنا الكُبرى"[5] يقول أبو عبيدة :" مجازها مقدم ومؤخر أي " لنريك الكبرى من آياتنا" ولا مجال للتسوية بين البنيتين؛ من حيث إن ما ذهب إليه أبو عبيدة يسد الطريق أمام إبداعية الأسلوب، ويسجل الكاتب أن نظام النصوص يفوق نظام اللغة.
-      الفصل بين المقولات المتلازمة، وسنكتفي بمثال واحد للمعطوف والمعطوف عليه في قوله تعالى:" هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة"[6]، اختلف النحاة في الملائكة بين رفع معطوفة على الله وجر بتقدير حرف جر في محذوف قبلها، فيظهر من هذا الاختلاف جملتان؛ الأولى تقديرها: يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، والثانية تقديرها: يأتيهم الله في ظلل من الغمام وفي الملائكة، غير أن تقدير البنية السطحية يفيد: يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكةُ تأتي، وبالتالي فالملائكة معطوفة على الله بدون فاصل، وانحرافها كان نتيجة اتساع عناصر بنية المعطوف.
4.   الترتيب الخارجي: ويقوم على الفصل والوصل بين المركبات المستقلة:
ü    الفصل بين المركبات المستقلة نوعان:
-      الأول: المتصل بالدلالات الشرعية وما تؤدي إليه من المقاصد، مثال قوله تعالى:" وما يعلمُ تأويله إلا اللهُ والراسخونَ في العلمِ يقولونَ آمنّا به كلّ من عند ربنا"[7] يرى ابن قتيبة أن" الراسخون في العلم " معطوفة على الله، وبالتالي فهم يعلمون المتشابه، واستدعى لإثبات رأيه مبررات عقدية ولغوية، واختلف الفراء والزجاج معه جاعلين الواو استنافية، وحققوا الفصل بين الجملتين، ومن المبررات اللغوية للفصل عدم وجود النسق، وما يمكن أن يؤدي ذلك إليه من تعدد التأويل بتعدد الراسخين في العلم.
-   النوع الثاني: الفصل الموهم بوجود الوصل: ومنه قوله تعالى:"ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة"[8]، اتفق النحاة على أن الغشاوة متعلقة بالأبصار لوجود الفصل بالواو الاستنافية، وقد أتت منصوبة على تقدير حذف الفعل، والتقدير جعل غشاوة على أبصارهم، ومن تفسيرات هذا الفصل أن ظهور غشاوة قطع امتداد الجملة السابقة، وهو ما ذهب إليه الكاتب. إن إرجاع الفصل لظهور الغشاوة راجع لدلالتها المعجمية، وإن لم يكن للمعجم أثر في توجيه القراءة الأسلوبية للنصوص لحد الآن فإن الترتيب الدلالي سيكشف عن أهمية الدلالة التركيبية في الكشف عن الأسلوبية في جانبها الترتيبي.
5.   الترتيب الدلالي:
انتقل الكاتب إلى الترتيب بحسب التتابع المنطقي للأحداث، هذا الترتيب يظهر أسلوبية متميزة في التعبير ومن أمثلة ذلك قوله تعالى على لسان سليمان عليه السلام:" اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون"[9] قال الزجاج في هذه الآية إن الوصل هو : "اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم" إن أسلوبية الآية كشف عنها الترتيب المنطقي للأحداث الذي قيست عليه، وهو ما يفيد تقديم" ثم تول عنهم" وتأخير "فانظر ماذا يرجعون" هنا سنلاحظ الاستعانة بالتسلسل المنطقي للأحداث لإبراز أسلوبية الآية، وأطرح سؤالا: لماذا لم يتم استدعاء إحدى أهم مركبات نظام النص في القرآن، وهي الروابط التي تعد حروف العطف جزءا منها. يقول الفخر في التفسير الكبير: "إن أكثر روابط القرآن مودعة في الترتيبات والروابط"[10] هنا سنقف على حروف العطف التي أتت فاء مرة واحدة وثم مرة واحدة كذلك، فيظهر أن "الفاء" و"ثم" كافيتان لإبراز التقديم والتأخير؛ فالفاء تفيد التعقيب المباشر بمراقبة الحدث الأول إلى أن يتحقق المراد، وثم تفيد التراخي، وهو يفيد الموقف الذي يفرض ترك مساحة زمنية لمشاهدة عملية المراجعة التي ستقوم بها الملكة، أنذاك يسمح بالتولي بعد استقصاء ردة الفعل.
6.   الحذف.
يوضح الكاتب أن هذا الفصل سيخصص لمعرفة طبيعة معالجة النحاة للحذف والحدود الفاصلة بين نوعيه الأسلوبي واللغوي، والتجاوزات التي أدت إلى عدم التفريق بينهما وآثار ذلك في جمالية النصوص، والبداية من سيبويه باعتباره أول من صاغ الأصول، ونبدأ بحذف الفعل.
-      حذف الفعل: يقول سيبويه:" وذلك قولك إن كنت تحذر : إياك كأمك قلت...إياك باعد وإياك اتق، وما أشبه ذا " وحسب الكاتب فإن الظاهر من العنوان هو أن الباعث على تقدير الحذف قائم على تبرير النصب، ولا سبيل للقول بأنه محذوف؛ لأنه لم يسبق له وجود، لكن إذا ثبت أنه استعمل، أنذاك يصح الحديث عن الحذف، أو متى كانت شروط التواصل داخل جماعة معينة تقتضي الحذف في إطار الاقتصاد اللغوي. أما اعتقاد سيبويه بوجود الحذف في "إياك" سببه عزل اللفظة عن السياق الذي يشكل الخلفية التي تغني عن الذكر، وعلى العموم فربط الحذف بالكلمات لا ضرر فيه ولكن إسقاط ذلك على النصوص البليغة يؤدي إلى منزلقات، مثال ذلك قوله تعالى" بل ملة إبراهيم حنيفا"[11] فملة منصوبة بفعل محذوف عند النحاة، لكن الخلاف في سبب الحذف؛ فالنحاة يربطون سبب حذف الفعل بكثرة الاستعمال، وهذا منزلق حد من إبداعية الأسلوب في الآية، والتي تتجلى في لفت انتباه المتلقي للاسم المصدر للرسالة.
-      حذف الاسم: قال تعالى:"واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا عليها"[12] قدر النحاة في الآية محذوفا هو "أهل" لتجاوز التنافر الذي ربط السؤال بالقرية، وهذا الحذف مرفوض في نظر الكاتب لما فيه من منزلقات قائمة على كون التخريج ينطبق على اللغة العادية، أما في سياق النص فالأمر شيء آخر، فإخوة يوسف يستشهدون بالقرية بما فيها من كائنات حية وغير حية من أجل أن يصدقوا لمّا وقعوا في ورطة التفريط في الأخ فما كان منهم إلا الاستشهاد بكل ما يمكنهم من إثبات صدقهم.
-      حذف الحرف: قال سيبويه:" ذهبت الشام.
وقال ساعدة بن لؤلؤة:
لَدْنٌ يهزُّ الكفَّ يعسِل متنُه       فيه، كما عَسَلَ الطريقَ الثعلبُ.
يفرق الكاتب بين الحذف في لغة التداول "ذهبت الشام"، ولغة النص الأدبي كما جاء في البيت، وحذف الحرف مع الفعل في البيت أحدث معنى خاصا حيث يفيد أن الثعلب من شدة إسراعه جعل الطريق وكأنها تسير معه ما يشير إلى ان الحذف في نص بليغ مخالف للغة المتداول اليومي.
7.   الحذف بين الإعجاز والنحو
يِؤكد الكاتب أن مبادئ سيبويه في الحذف ستصبح عاجزة أمام النص القرآني وسيؤدي تطبيقها إلى إنعكاسات سلبية على معنى النص، ومن أمثلة ذلك:
-      حذف الفعل: قال تعالى " وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون"[13] اختلف الفراء والزجاج في تقدير الفعل المحذوف بعد ما الجزائية؛ فالفعل الذي قدره الزجاج هو "حل" وهو ماض، أما الفراء فقد قدره ب "يكن" وهو مضارع، ويرى الكاتب أن المعنى بالتقديرين سيضيق بربط بالآية بالزمن.
8.   الزيادة
 يعد مفهوم الزيادة من المفاهيم غير السليمة في دراسة اللغة، لأن النص لا يستغني عن أية وحدة من وحداته الكلامية، وقد أدى البحث في مفهوم الزيادة ومصطلحه إلى إغناء دراسة التراكيب القرآنية، وسيبويه لم يستعمل هذا المصطلح بل استعمل بديلا له وهو اللغو، ويتعلق هذا المفهوم بالعنصر الذي لا يحدث أي تأثير في الجملة حضورا أو غيابا، غير أنه في بعض المواضع يحس سيبويه بأنه لا يكون عنصرا محايدا بالنسبة للمعنى، يقول:"وأما "لا" فتكون كـ:"ما" في التوكيد واللغو، وقال بشأن "ما" في قوله تعالى:"فيما نقضهم ميثاقهم"[14] "فإنه جاء لأنه ليس لـ"ما" معنى سوى ما قبل أن تجيء إلا التوكيد"، وقد يحس القارئ بتعارض رأي سيبويه في كون "لا" لغوا وتوكيدا، غير أن هذا التعارض يزال بثنائية اللفظ والمعنى، فاللغو يصيب اللفظ فقط، فيفقد بذلك وظيفته التركيبية لكنه يحافظ على وظيفته الدلالية.
9.   الزيادة بين الإعجاز والنحو
أزال النحاة مصطلح اللغو ووضعوا الزيادة بديلا عنه وكثيرا ما يقع على اللفظ والمعنى، وعدم الفصل بينهما حمل سلبيات كثيرة، فيحمل ما لا يؤثر في المعنى، لذلك اعتبروه زائدا، واختلف النحاة حول الزيادة في بعض المواضع، واتفقوا على وجودها في بعض المواضع الأخرى.
-      مواضع الاتفاق: منها قوله تعالى:" فبما رحمة من الله لنت لهم"[15]يرى سيبويه أن ما لم تعمل في ما بعدها فعدت زائدة، والمعنى فبرحمة من الله لنت لهم وبرر وجودها معنويا هو التوكيد، وهو ما ذهب إليه المبرد، يقول:" زائدة مؤكدة لا يخل طرحها بالمعنى" ومن منزلقات هذا الرأي فصلهم بين اللفظ والمعنى وتعميم مقتضيات نظام اللغة على نظام النص، ولبيان هذا الفرق اقترح الكاتب استبدالها بما يلائمها، ولتكن الكلمة المقترحة "أسباب" فقولنا فبأسباب رحمة من الله لنت لهم فإن الكلمة ستأتي بمجموعة من المعاني كالتعليل والتعدد وهو ما عبرت عنه بقية الآية (العفو، الاستغفار، ...) وكل ذلك من أسباب رحمة الله، فنلاحظ أن الآية ذكرت بعض ما أجمل في ما إلا ان ذكر تلك المعاني لم يستنفد كل ما في "ما" منها، ومن بين مواضع الاتفاق كذلك "كل" التوكيدية، والجار والمجرور نحو قوله تعالى:" ولا طائر يطير بجناحيه".
-      مواضع الاختلاف: يختلف النحاة في زيادة بعض الحروف منها في قوله تعالى:" وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون"[16] اتفق النحاة أن إدخال الباء وإخراجها مؤثر في المعنى، وقدروا جميعا معنى الآية بعد إخراجها، ولعل الذي حملهم على هذا أن الاستخدام القرآني للباء وراءه مؤشر انزياحي، فتخلى الفراء على التبرير الشكلي وطرح استبدال المفتون بالمجنون والإبقاء على الباء، فقال:"المفتون هاهنا بمعنى المجنون" والواقع أن ما ذهب إليه الفراء معنى عادي، وأما الزجاج فأعطاها معنى المفتون أي المجنون مجردة من السياق، وقرر أن الباء ليست لغوا، ويرى الكاتب أن الباء تخرق العادة بقولها فترغم الفعل الذي سبقها على توليد معان جديدة بمجاورته لها بالإضافة إلى معناه في المعجم.
10.               التكرار والتناسب.
حدد الكاتب أصناف التكرار في:
-      التكرار المتصل، تكون الكلمة مجاورة لأختها.
-      التكرار المنفصل، يكون بتكرار الكلمتين في بداية الجملة أو في نهايتها.
-      التكرار المتداخل، وتكون فيه الكلمة المتكررة متباعدة داخل الجملة الواحدة.
-      تكرار الجمل وأشباهها، تكون الجمل المكررة فيه متجاورة متباعدة.
-      التكرار المتصل: يكون بمجاورة الكلمة لأختها، ومنه قوله تعالى:"لا يسمعون فيها لغوا إلا قيلا سلاما سلاما"[17] هنا مثال التكرار المتصل، واختلف النحاة في العامل الذي أحدث النصب، فذهب أبو عبيدة إلى أن سلاما نصبت على المصدر، وذهب الأخفش إلى أن النصب حدث بالقيل أو بالعطف أو بالفعل، أما الفراء فيورد إمكانية النصب بالفعل مع تجويز الرفع، ويرى الكاتب أن العامل الجمالي أحدث النصب في الاسم معللا ذلك بالتشاكل الحاصل بنصب الميم في تأثيما؛ مما أدى إلى بنية صوتية متناغمة  وموازية للبنية الدلالية المفيدة لدوام السلام واستمراره، ويخرجه من دائرة السلام التداولية، وهذه القيمة مستنبطة في إطار نظام النص، بخلاف ما ذهب إليه النحاة الذين أطرهم نظام اللغة؛ فجعلوا قيمة الحركات الثلاث متساوية.
-      التكرار المنفصل: يكون بتكرار الكلمتين في بداية الجملة او في نهايتها: ومنه قوله تعالى:"قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمان الرحيم ألا تعلو علي وأتوني مسلمين"[18]، يرى الأخفش أن باسم الله مقدمة في المعنى، وذهب الفراء إلى أن "إنه من سليمان" و"إنه باسم الله" أنهما في موضع رفع على التكرير، وقد تكون في موضع نصب على سقوط الخافض، أما الزجاج فيرى أن التكرار وارد في كتب الأنبياء على سبيل الإيجاز والاختصار، ويرى الكاتب أن استخدام إن في المواضع الثلاثة اختياري وليس اضطراريا؛ بمعنى أن وحدات الجملة الواقعة قبل إن أو بعدها لا تستلزم ضرورة بمعنى أنك قد تحذفها دون أن تترك خللا، وحذفها في المرتين الأولى والثانية، لا ينتج عنه أي خلل نحوي، وإذا قرأنا النص من غير "إن" فإن ذلك يؤدي إلى اختفاء الإيجاز وقوة التعبير وجوانب من المعنى؛ فقول بلقيس: "ألقي إلي كتاب كريم" دون أن تدخل "إني" يفيد أنه تلقت الكتاب في حالة نفسية عادية، وقولها "إني" تعكس انشغالها بالكتاب واهتمامها به، وقد يتساءل قوم عن دواعي اهتمامها به فتكون "إني" ردا عن السؤال، وحذف "إني" لن يولد سؤال القوم مما يفيد عدم الملاحظة وعدم الاهتمام، وإعادة الضمير في "إنه من سليمان" تأكيد على استمرار الموقف النفسي السابق، وجيء بـ"إنه" في المرة الثالثة إشعارا ببداية أخطر خبر في الكتاب، غير أن الأخفش يرى أن "باسم الله الرحمن الرحيم" حقها التقديم في المعنى غير أن تأخيرها كسر المألوف ووجودها إلزام للمتلقي "الملكة" بتعظيم الاسم الأجل، فنقول هنا: ألا يمكن اعتبار باسم الله الرحمان الرحيم بداية لرسالة سليمان، وأنها لم تخضع لأي تأخير، وإن قراءة بلقيس لها لا تترجم رغبة سليمان في إلزامها بقولها؛ من حيث كونها افتتاحية نص لا تعلم بفحواه الاعتقادي.
-      التكرار المتداخل: وتكون فيه الكلمات المكررة متباعدة داخل الجملة الواحدة.ومنه قوله تعالى:" لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب"[19]  اعتبر الأخفش أن الفعل الأول بدل من الثاني، وأخرج الفراء المعنى بإسقاط الفعل الثاني، أما الزجاج ففسره بطول الجملة، ويرى الكاتب أن طول الجملة لها أهمية ثانوية، وأن التكرار هنا لا يمكن فصله عن معنى الفعل المكرر (لا تحسبن) ليفيد بذلك مضاعفة التنبيه والتحذير، نظرا لشدة زيف وتمويه المحذر منهم.
-      تكرار الجمل وأشباهها، لم ينظر إلى خصوصية هذا النوع إلا في حالات قليلة كما فعل ابن قتيبة بالنسبة لسورة الرحمان، قال:"ثم اتبع ذكر كل خلة وصفها بهذه الآية، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين ليفهمهم النعم ويقررهم بها"، وقال عنه في سورة الكافرون أنه يفيد التوكيد، واكتفى أبو عبيدة بشرح زمن أفعاله، ورأى الفراء أن التكرير فيها جاء على التغليظ والتهويل معمما ذلك، ولاحظ الكاتب أن هذه المعاني تأتي في سياق نظام اللغة، والحال أن الخطاب القرآني له معانيه الخاصة ويختلف من نص لآخر، ففي سورة الكافرون يحمل الموقف النهائي للرسول صلى الله عليه وسلم مما يعبد الكافرون، ويفيد هنا التيئيس، وقد يأتي على الترهيب نحو قوله تعالى:"لترون الجحيم ثم لترونها"[20] ، وبالتالي فالتكرير على التغليظ دائما كما قال الفراء فيه نظر، وقد يأتي للتوكيد، فيتضح أن التكرار لا يستوقف النحاة كثيرا لاصطدامه بقواعد النحو وخروجه عن تقاليد التعبير النمطي.
11.               التناسب بين الإعجاز والنحو:
منذ البداية يوجه الأستاذ إلى أن الحركات الإعرابية والصيغ الصرفية في النص تأتي مخالفة لنظام القواعد في بعض الأحيان، والسبب في ذلك الرغبة في وضع تناسب خاص للنص، فيتدخل النحاة لتقويم ذلك الانزياح ولينصاع للقواعد، فيؤدي ذلك إلى فقدان المعنى، وقد حدد الكاتب التناسب في نوعين:
-      تناسب الائتلاف: ومنه قوله تعالى :"إن هذان لساحران"[21] كانت الآية موضع خلاف النحاة بسبب بحثهم عن الآلية المناسبة لإدماجها في نظام اللغة، وورد عن عائشة رضي الله عنها حينما سئلت عن قوله تعالى : "إن هذان لساحران" قالت هذا خطأ الكاتب، وزعم أبو الخطاب أنه سمع قوما من بني كنانة يعربون المثنى بالألف رفعا ونصبا وجرا، وذهب بشر بن هلال إلى أن "إن" هنا بمعنى الابتداء والإيجاب، ورأى الأخفش أن "إن" مخففة من الثقيلة وهي لغة بني الحارث، أما الزجاج فذهب إلى أن معناها نعم، أما الكاتب فيرى أن النص اختار نظاما غير مطرد استجابة لغرض خاص في موضع خاص، وهو ما لم يتفطن له النحاة، وأن مجيء قوله تعالى: "إن هذان لساحران" على ذلك يدخل في إطار شبكة التوازي التي تنظم النص، وأطرح هنا توازيا دلاليا آخر نحاه الأصوليون يقضي بأن "هذان" مرفوعة لغرض رفع الحكم بالسحر عن موسى عليه السلام.
-      تناسب الاختلاف:
ومنه قوله تعالى:"ليس البران تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البرمن آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون"[22] ، يلاحظ أن وحدة "الموفون" اتخذت وضعا إعرابيا مخالفا للقواعد المطردة علما أن هذا الخرق لم يؤد إلى تناغم صوتي كما رأينا في تناسب الائتلاف، في هذه الحالة فإن هذا الانزياح أحدث تناسبا دلاليا، ولقد حاول النحاة إيجاد مسوغات للوصول إلى غايات مشتركة وهي ردم الفجوة بين الانزياح والنمط؛ فذهب أبو عبيدة إلى أن خروج الصابرين سببه كثرته في كلام العرب، وذهب الأخفش إلى أن "الموفون" وردت بالرفع على إضمار "بر" وذهب الزجاج إلى أنها رفعت على المدح، وذهب الفراء إلى أنها صفة لمن آمن ومن صبر ومن أوفى وليست معطوفة عليها، ويرى الكاتب أن مبدأ المدح أو الدم عاجز عن تفسير لماذا اختص الصابرين في البأساء بالمدح دون بقية الطوائف، والواقع أن الاستخدام غير العادي للحركات الإعرابية يحمل معنى خاصا بالنظام الدلالي وما يجب ملاحظته هو وحدة الحكم التي تجمع المعطوفات، والتي تجعل الاختلاف الدلالي ظاهريا فقط وليس جوهريا، هنا نقول إن وحدة الحكم النهائي التي سيق إليها الجميع المتجلية في نيل مرتبة التصديق والتقوى أبطلت إمكانية أن يكون الخروج من النصب إلى الجر أو الرفع مغيرا للوضع النحوي للمعطوفات؛ فالاشتراك في الوضع النهائي، جعلت من الاختلاف الإعرابي ظاهريا فقط وليس جوهريا.
تقييم عام للكتاب:
تناول الكتاب الإعجاز الأسلوبي في القرآن الكريم بشكل علمي، معتمدا في ذلك التصور اللساني في كثير من قضاياه، وبشكل منهجي قائم على التفريق بين نظامين؛ الأول نظام اللغة ويمثله النحاة؛ وظهر في بنائهم للقواعد التكلف والتعقيد وعدم قدرتهم على فهم الانزياحات في النص القرآني، هذا العامل حال دون تلمسهم للعامل الجمالي والدلالي للنصوص، بسبب إسقاط نظام اللغة على نظام النص.
الثاني نظام النص: الذي يمثله التصور الجديد المعتمد على أسلوبية الانزياح باعتماد المفاهيم اللسانية والذي استطاع تلمس بعض المعاني الجديدة في النص، وبيان بعض ما فيه من الانزياحات الدالة على إبداعيته وجماليته ودلالته، وبالتالي إعجازه، ليصل في الأخير إلى أن الأسلوبية علم قادر على مقاربة النصوص أسلوبيا وكشف ما وقع فيه النحاة من تكلف وأخطاء وعدم قدرة على كشف مغالق النصوص.
المصادر:
1عز الدين الذهبي، الإعجاز الأسلوبي والنحو، المطبعة والوراقة الوطنية، ط 2005، مراكش، المغرب.
2: [1] السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج2، المكتبة الثقافية، بيروت، لبنان.



[1] :سورة فاطر، الآية 32.
[2] :عز الدين الذهبي، الإعجاز الأسلوبي والنحو، المطبعة والوراقة الوطنية، ط 2005، مراكش، المغرب.
[3] :سورة النحل، الآية 5
[4] سورة المائدة، الآية 71:
[5] سورة طه الآية 5
[6] سورة المائدة الآية 210:
[7] سورة آل عمران، الآية 7
[8] سورة البقرة الآية 7
[9] سورة النمل، الآية 28
[10] السيوطي/ الإتقان في علوم القرآن، ج2المكتبة الثقافية، بيروت، لبنان، ص 108:
[11] سورة البقرة، الآية: 35
[12] سورة يوسف، الآية 82
[13] سورة النحل، الآية 53.
[14] سورة النساء الآية 155
[15] :سورة آل عمران 159
[16] سورة القلم الآية 4.5
[17] سورة الواقعة، الآية 24:
[18] سورة النمل الآية 29 و 30:
[19] سورة آل عمران، الآية 188
[20] سورة التكاثر الآية 6و 7
[21] سورة طه الآية 63
[22] سورة البقرة الآية 177: